بسم الله الرحمن الرحيم
3-7-2010
منذ مدة وأنا أود التحدث إليك لكني كنت أخاف أن يوهن كلامي عزيمة الأمة، أو يدور في خلدك أنني أضعف الشعور الوطني للشعب، أو أنني أسس لتنظيم يسعى للإطاحة بنظامك، أو يعتبر البعض ما أقول تهديدا للنظام الاقتصادي الاشتراكي للبلد. لكني تجاوزت كل مخاوفي هذه، وصممت على مخاطبتك بكل ما في نفسي من خواطر لا تفارقني وأفكار تراودني. ومن البداية أقول لك أنني سأخاطبك بصفتك مواطنا سوريا وإن كنت تجلس على كرسي الرئاسة، وسأكون صريحا وصادقا معك فيما أقول.
قد يزعجُك أن أذكر أنني قد فرحت يوم موت والدك، وصدقا لم يكن ذلك شماتة وإنما أملا بحدوث التغيير المنشود في الوطن. واسمح لي أن أتجرأ فأقول أنني كنت أعلم أن فرحك بموته لم يكن أقلَ من فرحي مع مسحة الحزن التي كانت تبدو على وجهك كيف لا وقد قفزتَ من طالبٍ يدرس في الغربة إلى رئيس دولة يتسابق كبار قادة نظام والده لإظهار الطاعة والولاء له، وتتفاجأ بما يقوله (الطبالون) عن مآثرك التي كنت تبحث عنها بين جنبيك، وتتعجب منهم كيف جمعوا مجلس الشعب ليغيروا دستور البلد في بضع دقائق كرمال عينيك، ويمنحونك من الرتب العسكرية ما لم تكن تحلم به لتصبح القائد العام للجيش والقوات المسلحة.
أقنعت نفسي بأن التغيير قد يأتي معك، فأنت لم تشارك فيما ارتكب نظام والدك،
وأنت مثقف كما يقولون درست في الغرب. وفعلا غمرني الأمل بربيع دمشقي أزهرت براعمه، وكثر الحديث عن الإصلاح ومحاربة الفساد وتحديث الدولة وإطلاق طاقات المجتمع، لكن لا أدري ما الذي دهاك فنكصت على عقبيك لا تنزعج من كلامي فقد وعدتك بالصراحة والصدق، ويبدو أنك قلما تسمعهما من أحد وبدأ التراجع عن الأمل, وعادت الاتهامات المحفوظة, وظهرت نغمة الدفاع عن العهد البائد، اقصد عهد والدك، وبذلك أوقعتكَ بطانتك في فخ تحميلِك أوزار ما فعل أبوك، بل وتبريرِ ذلك، وعادت الأجهزة التي أظن أنك لا تعرف عددها لتستأنف أنشطتها المكروهة بقفازات حريرية وليس بقبضات حديدية, فقد استفادت من ثقافتك الغربية في كتم الأنفاس بطريقة ديمقراطية.
لست ضليعا في السياسة، ولكني أتعجب كيف كنت تنسل من الأزمات التي كادت تعصف بحكمك، هل لديك وصفة سحرية للبقاء في الحكم مثل والدك حتى تغادر روحُك جسدَك ؟ (يا ويل الشعب السوري إن حصل ذلك) .
أسمعهم يتحدثون عن صفقات سرية، وفبركة معلومات عن أبناء شعبك الذين يسمون أنفسهم معارضة تزود بها ماكينة مكافحة الإرهاب العالمية. وتدهشني سعة صدرك وطول بالك على استباحة العدو لأرض وسماء وماء الوطن،
فتقابل كل ذلك بالإصرار على المفاوضات معهم سرية وعلنية مباشرة وغير مباشرة، وتلح على الرعاية الأمريكية، وتوضح لهم أن هناك فرقا بين الحب والمصالح، لتؤكد لهم أنك رجل براغماتي تستحق الدعم.
وبما أنني لا أفهم في السياسة فإنني أتساءل : أليس فيما سبق توهين لعزيمة الأمة واستسلام للمشروع الغربي الذي تتصدى له، وتثقب آذاننا بخطاباتك وتصريحاتك عن دعم المقاومة ؟.
كلُ ما قلتُه لك حتى الآن ليس جديدا ومضى عليه زمن، و لابد أنك تتساءل ما الذي (فقع مرارتي) ودفعني للتحدث إليك ؟ إنها أمور عدة حصلت مؤخرا أوصلت قهري إلى مداه فقررت أن أجازف وأكتب لك مهما كانت العواقب.
فهل أنا أفضل من (شيخ القانون والقضاء) الذي رميته في السجن دون أن يرف لك جفن ؟
أم أنني أقل شجاعة من (طل) التي تندّي كوات سجن الحرائر ؟ أم أنني لم أسمع ب (آيات) وما جرى لها ؟
وذلك ال (علي) الذي قضى في السجن بضع سنيه المحكوم بها فمننتَ عليه بالمزيد لأنه جرح الشعور القومي ...
أخجلُ أن أقول الفارسي، وكأنكم استبدلتم لفظة (العربي) من عنوان الحزب الذي تتحكمون بالوطن والمواطن باسمه.
صدمني اكتشافكم مؤخرا أن نظام حكمكم علماني، فكان عليكم إثبات ذلك بإعلان الحرب على المنقبات،
في وقت تزامن مع حملة المتعصبين في بعض الدول الغربية على النقاب أيضا، فهل هي مصادفة ؟
أم ذكاء سياسي لكسب أوراق جديدة لدى أصحاب الشأن ؟ أم اقتفاء غبي بقرارات اتخذها والدك أواسط سبعينيات القرن الماضي فأوصلت البلاد إلى ما نهرب جميعا من ذكره لما ألحق بالوطن والشعب من كوارث ومصائب نرجو أن لا تعود، فهل ترغبُ أن تجازفَ مرة أخرى كما فعل والدك، لتُذكرَ في التاريخ كديكتاتور وليس كدكتور ؟
ومن العجائب أن شيخا جليلا نحبه ونقدره، لكنه مغرم بآل أسد، نصح المنقبات المبعدات عن سلك والتعليم أن يقبلن بالأمر الأهم وهو تربية الأجيال وهن كاشفات الوجوه (وقد أكون معه في هذه المفاضلة) بدلا من الإصرار على النقاب وترك مهمة التعليم، ولا أدري إن كن سيبقين في سلك التعليم إن فعلن ذلك, لكنه لم يفطن إلى نصحك يا أيها الدكتور الرئيس باحترام الدستور وإطلاق الحريات العامة, والإفراج عن المعتقلين ظلما وجورا, وكف أيدي أقربائك وأنسابك وأزلامك عن مال الدولة وجيوب المواطنين.
لقد بلغت التجاوزات حدا لم يدع مجالا لمن يتبنون مواقف نظامكم ويدافعون عنها دوما،
سوى الخروج عن صمتهم والجهر بالقول : (سوريا التي تحرج مؤيديها بلا مبرر مقبول)
كما عنون الكاتب الأردني ياسر الزعاترة مقالته، وسبقه مراسل الجزيرة في عمان ياسر أبو هلالة بمقالته
(سوريا يا حبيبتي) وتحدث فيه عن تقرير (سنوات الخوف) الذي يشرح قضية عشرات آلاف المفقودين في سجون والدك.
كلمة أخيرة : قد يكون كثير من المواطنين يدعون لك، لكنني سأدعو عليك، فليس في جعبة مواطن مقهور مثلي سوى ذلك. فهل سيصلني منك ما يمنعني من البدء بالدعاء ؟ أرجو ذلك ,,,
م-مفتي
التوقيع
مواطن سوري مقهور
3-7-2010
منذ مدة وأنا أود التحدث إليك لكني كنت أخاف أن يوهن كلامي عزيمة الأمة، أو يدور في خلدك أنني أضعف الشعور الوطني للشعب، أو أنني أسس لتنظيم يسعى للإطاحة بنظامك، أو يعتبر البعض ما أقول تهديدا للنظام الاقتصادي الاشتراكي للبلد. لكني تجاوزت كل مخاوفي هذه، وصممت على مخاطبتك بكل ما في نفسي من خواطر لا تفارقني وأفكار تراودني. ومن البداية أقول لك أنني سأخاطبك بصفتك مواطنا سوريا وإن كنت تجلس على كرسي الرئاسة، وسأكون صريحا وصادقا معك فيما أقول.
قد يزعجُك أن أذكر أنني قد فرحت يوم موت والدك، وصدقا لم يكن ذلك شماتة وإنما أملا بحدوث التغيير المنشود في الوطن. واسمح لي أن أتجرأ فأقول أنني كنت أعلم أن فرحك بموته لم يكن أقلَ من فرحي مع مسحة الحزن التي كانت تبدو على وجهك كيف لا وقد قفزتَ من طالبٍ يدرس في الغربة إلى رئيس دولة يتسابق كبار قادة نظام والده لإظهار الطاعة والولاء له، وتتفاجأ بما يقوله (الطبالون) عن مآثرك التي كنت تبحث عنها بين جنبيك، وتتعجب منهم كيف جمعوا مجلس الشعب ليغيروا دستور البلد في بضع دقائق كرمال عينيك، ويمنحونك من الرتب العسكرية ما لم تكن تحلم به لتصبح القائد العام للجيش والقوات المسلحة.
أقنعت نفسي بأن التغيير قد يأتي معك، فأنت لم تشارك فيما ارتكب نظام والدك،
وأنت مثقف كما يقولون درست في الغرب. وفعلا غمرني الأمل بربيع دمشقي أزهرت براعمه، وكثر الحديث عن الإصلاح ومحاربة الفساد وتحديث الدولة وإطلاق طاقات المجتمع، لكن لا أدري ما الذي دهاك فنكصت على عقبيك لا تنزعج من كلامي فقد وعدتك بالصراحة والصدق، ويبدو أنك قلما تسمعهما من أحد وبدأ التراجع عن الأمل, وعادت الاتهامات المحفوظة, وظهرت نغمة الدفاع عن العهد البائد، اقصد عهد والدك، وبذلك أوقعتكَ بطانتك في فخ تحميلِك أوزار ما فعل أبوك، بل وتبريرِ ذلك، وعادت الأجهزة التي أظن أنك لا تعرف عددها لتستأنف أنشطتها المكروهة بقفازات حريرية وليس بقبضات حديدية, فقد استفادت من ثقافتك الغربية في كتم الأنفاس بطريقة ديمقراطية.
لست ضليعا في السياسة، ولكني أتعجب كيف كنت تنسل من الأزمات التي كادت تعصف بحكمك، هل لديك وصفة سحرية للبقاء في الحكم مثل والدك حتى تغادر روحُك جسدَك ؟ (يا ويل الشعب السوري إن حصل ذلك) .
أسمعهم يتحدثون عن صفقات سرية، وفبركة معلومات عن أبناء شعبك الذين يسمون أنفسهم معارضة تزود بها ماكينة مكافحة الإرهاب العالمية. وتدهشني سعة صدرك وطول بالك على استباحة العدو لأرض وسماء وماء الوطن،
فتقابل كل ذلك بالإصرار على المفاوضات معهم سرية وعلنية مباشرة وغير مباشرة، وتلح على الرعاية الأمريكية، وتوضح لهم أن هناك فرقا بين الحب والمصالح، لتؤكد لهم أنك رجل براغماتي تستحق الدعم.
وبما أنني لا أفهم في السياسة فإنني أتساءل : أليس فيما سبق توهين لعزيمة الأمة واستسلام للمشروع الغربي الذي تتصدى له، وتثقب آذاننا بخطاباتك وتصريحاتك عن دعم المقاومة ؟.
كلُ ما قلتُه لك حتى الآن ليس جديدا ومضى عليه زمن، و لابد أنك تتساءل ما الذي (فقع مرارتي) ودفعني للتحدث إليك ؟ إنها أمور عدة حصلت مؤخرا أوصلت قهري إلى مداه فقررت أن أجازف وأكتب لك مهما كانت العواقب.
فهل أنا أفضل من (شيخ القانون والقضاء) الذي رميته في السجن دون أن يرف لك جفن ؟
أم أنني أقل شجاعة من (طل) التي تندّي كوات سجن الحرائر ؟ أم أنني لم أسمع ب (آيات) وما جرى لها ؟
وذلك ال (علي) الذي قضى في السجن بضع سنيه المحكوم بها فمننتَ عليه بالمزيد لأنه جرح الشعور القومي ...
أخجلُ أن أقول الفارسي، وكأنكم استبدلتم لفظة (العربي) من عنوان الحزب الذي تتحكمون بالوطن والمواطن باسمه.
صدمني اكتشافكم مؤخرا أن نظام حكمكم علماني، فكان عليكم إثبات ذلك بإعلان الحرب على المنقبات،
في وقت تزامن مع حملة المتعصبين في بعض الدول الغربية على النقاب أيضا، فهل هي مصادفة ؟
أم ذكاء سياسي لكسب أوراق جديدة لدى أصحاب الشأن ؟ أم اقتفاء غبي بقرارات اتخذها والدك أواسط سبعينيات القرن الماضي فأوصلت البلاد إلى ما نهرب جميعا من ذكره لما ألحق بالوطن والشعب من كوارث ومصائب نرجو أن لا تعود، فهل ترغبُ أن تجازفَ مرة أخرى كما فعل والدك، لتُذكرَ في التاريخ كديكتاتور وليس كدكتور ؟
ومن العجائب أن شيخا جليلا نحبه ونقدره، لكنه مغرم بآل أسد، نصح المنقبات المبعدات عن سلك والتعليم أن يقبلن بالأمر الأهم وهو تربية الأجيال وهن كاشفات الوجوه (وقد أكون معه في هذه المفاضلة) بدلا من الإصرار على النقاب وترك مهمة التعليم، ولا أدري إن كن سيبقين في سلك التعليم إن فعلن ذلك, لكنه لم يفطن إلى نصحك يا أيها الدكتور الرئيس باحترام الدستور وإطلاق الحريات العامة, والإفراج عن المعتقلين ظلما وجورا, وكف أيدي أقربائك وأنسابك وأزلامك عن مال الدولة وجيوب المواطنين.
لقد بلغت التجاوزات حدا لم يدع مجالا لمن يتبنون مواقف نظامكم ويدافعون عنها دوما،
سوى الخروج عن صمتهم والجهر بالقول : (سوريا التي تحرج مؤيديها بلا مبرر مقبول)
كما عنون الكاتب الأردني ياسر الزعاترة مقالته، وسبقه مراسل الجزيرة في عمان ياسر أبو هلالة بمقالته
(سوريا يا حبيبتي) وتحدث فيه عن تقرير (سنوات الخوف) الذي يشرح قضية عشرات آلاف المفقودين في سجون والدك.
كلمة أخيرة : قد يكون كثير من المواطنين يدعون لك، لكنني سأدعو عليك، فليس في جعبة مواطن مقهور مثلي سوى ذلك. فهل سيصلني منك ما يمنعني من البدء بالدعاء ؟ أرجو ذلك ,,,
م-مفتي
التوقيع
مواطن سوري مقهور