بسم الله الرحمن الرحيم
من اساليب التربية النبوية
إن المعلم
الناجح يقسم درسه إلى فقرات متتالية،
ويستعين بهذا التقسيم على إيصال
المعلومات مرتبة:
واحدة إثر واحدة، ولا ينتقل إلى الثانية إلى بعد أن يفهم
تلاميذه الأولى،
وهو بهذا يتيح لهم الفرصة لفهم ما يتلقونه أولاً بأول
واستيعابه،
ويكون ناجحاً إذا ربط الموضوع
(بفقراته كلها) موضحاً بدء كل
فقرة وانتهاءها، وعلاقتها بما بعدها.
وإذا تابعنا أحاديث رسول الله -
صلى الله عليه وسلم
-، وجدنا قسماً كبيراً منها يتبع هذا الأسلوب
النافع
الدال على قدرة فائقة في إيصال المراد إلى السامع،
والتأكد من أنه تلقى
العظة والعبرة واستوعبها.
وهذا ما نجده واضحاً في حديث ابن عباس
- رضي
الله عنهما - قال: لما بعث النبي
- صلى الله عليه وسلم
- معاذاً إلى أهل
اليمن، قال له: إنك لتقدُم على قوم من أهل الكتاب:
1- فليكن أول ما
تدعوهم إلى أن يوحدوا الله تعالى.
2- فإذا عرفوا فأخبرهم أن الله فرض
عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم.
3- فإذا صلوا، فأخبرهم أن الله تعالى
فرض عليهم
زكاة في أموالهم، تؤخذ من غنيهم فترد إلى فقيرهم.
4- فإذا
أقروا بذلك فخذ منهم، وتَوَقَّ كرام أموال الناس(1).
نلاحظ: 1- أن النبي
-
صلى الله عليه وسلم -
عَرَّف معاذاً - رسوله - بأهل اليمن،
فهم ليسوا
وثنيين ولا عباد أصنام،
فلا يفرض الإسلام عليهم فرضاً، فاستعمل الحكمة
معهم.
2- وهم يعرفون الله تعالى، لكن معرفتهم إياه
- سبحانه - مختلطة،
فهم يجعلونه ثالث ثلاثة
ويجعلون عيسى عليه السلام ابنه، فادعهم إلى توحيده -
سبحانه - وبيّنْ لهم خطأ اعتقادهم.
3- فإذا عرفوا الله حق المعرفة وجب
أن يعبوده،
وأول العبادات مرتبة: الصلاة،
فبينْ لهم أن الصلاة عماد الدين،
وأنها تقرب العبد من مولاه، وأن ما بين الرجل والكفر تركُ الصلاة.
4-
فإذا صلوا فقد دخلوا الإسلام، وجاءت العبادات الأخرى وراءها،
والزكاة مقدمة
على غيرها..
وأعلمْهم أن الزكاة ليست إتاوة تدفع للحاكم -
فلربما
استصعبوها!! فأنبئهم أنها للتكافل الاجتماعي،
((حق يؤخذ من الغني فيهم فيرد
إلى فقيرهم)) فهذا أدعى إلى الرضا بها.
5- فإن أقروا بها فخذ منهم زكاة
أموالهم،
وتجنب ما يحبون ويضنون به (وهذا يدل على عمق فهم أغوار النفس
الإنسانية).
وأنت تلاحظ من حديثه - صلى الله عليه وسلم - ما يلي:
1-
التدرج من الأهم إلى الأقل أهمية
(ولا تنس أنها - كلها - مهمة): المقدمة:
(تعريفهم بالدين) ثم التوحيد، ثم الصلاة، ثم الزكاة..
2- الكلمات
الرابطة بين الفقرات: ((إنك لتقدم، فليكن أول، فإذا عرفوا، فإذا صلوا، فإذا
أقرّوا ..))
فالتعبير الثاني (ليكن أول) نتيجة للأول (إنك لتقدم).
والتعبير
الثالث (فإذا عرفوا) نتيجة للتعبير الثاني.
والتعبير الرابع (فإذا
صلوا) نتيجة للثالث.
والتعبير الخامس (فإذا أقروا) نتيجة للرابع.
خطوة
بعد خطوة،
وطلب إثر طلب، وانتقال وثيق يدل على تلازم الفقرات كلها.
. وهكذا
يستوعب السامع العظة والعبرة، ويتفهمها ويهضمها.
ونجد هذه الخطوات
واضحة فيما رواه أبو ذر الغفاري
- رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه
وسلم - أنه قيل له: أي الأعمال خير؟
قال - صلى الله عليه وسلم -: إيمان
بالله وجهاد في سبيله.
قيل: فأي الرقاب أفضل؟
قال - صلى الله عليه
وسلم -: أغلاها ثمناً، وأنفسها عند أهلها.
قيل: أفرأيت إن لم أستطع بعض
العمل؟
قال - صلى الله عليه وسلم -: فتُعين صانعاً، أو تصنع لأخرق.
قيل:
أفرأيت إن ضعفت؟
قال - صلى الله عليه وسلم
-: تدع الناس من الشر، فإنها
صدقة، تَصدَّقُ بها على نفسك (2).
أنت تلاحظ في حديثه - صلى الله عليه
وسلم - ما يلي:
1- التدرج من الإيمان إلى الإحسان إلى الناس،
إلى
مساعدتهم إلى كف الأذى عنهم. أي من المُهِمِّ إلى الأقل أهمية.
2- أما
أداة الربط فهي
: السؤال والجواب والمحاورة بين رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - وسائله.
وفي حديث آخر نرى هذه الطريقة واضحة
: عن جابر بن عبد
الله - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
: ((كل
معروف صدقة،
وإن من المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق، وأن تفرغ دلوك في إناء
أخيك))(3).
فتأمل معي وصف المعروف.
. فهو صدقة تتصدق بها على أخيك
المسلم،
فإذا عرف المسلم أن المعروفَ يُثابُ عليه جاءته طريقة من طرق
المعروف التي لا تكلف كثيراً.. الابتسام وطلاقة الوجه، وحرارة لقاء المسلم
أخاه
المسلم، والتحبب إليه، وإشاعة الراحة والهناء في جو الأخوة.
ثم
ينتقل المسلم من الصدقة التي لا تكلف الكثير إلى
الصدقة التي فيها عطاء
وإيثار، لأن الذي تؤثره على نفسك أخوك المسلم،
ثم إلى الصدقة التي فيها بذل
وسخاء،
وهنا تهون الدنيا أمام إخوان العقيدة، ويرخص الغالي في سبيلهم..
وما أعظمها من أخوّة.
ومن التعليم بطريق الخطوات، ما رواه ابن عمر
- رضي
الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم
قال: ((أقيموا الصفوف،
وحاذوا بين المناكب،
وسدوا الخلل، ولينوا بأيدي إخوانكم، ولا تذروا فرجات
للشيطان،
ومن وصل صفاً وصله الله، ومن قطع صفاً قطعه الله))(4).
ألا ترى
معي أن التعليم المتدرج في هذا
الحديث جاء صورة حية تبدأ من قيام
المسلمين
إلى الصلاة، ورص الصفوف، والتكاتف بينهم بود وإخاء
، يفسح بعضهم لبعض، ثم
يكونون
لحمة واحدة ليس للشيطان منفذ بينهم، وتغشاهم رحمة الله تعالى.
هذا
رسول لله - صلى الله عليه وسلم
- يعلم البشرية حتى هذه اللحظة وإلى قيام
الساعة، الطريقة الحديثة
القديمة في الوصول إلى قلوب العباد، وهدايتهم إلى
طريق الرشاد.
خالد
من اساليب التربية النبوية
إن المعلم
الناجح يقسم درسه إلى فقرات متتالية،
ويستعين بهذا التقسيم على إيصال
المعلومات مرتبة:
واحدة إثر واحدة، ولا ينتقل إلى الثانية إلى بعد أن يفهم
تلاميذه الأولى،
وهو بهذا يتيح لهم الفرصة لفهم ما يتلقونه أولاً بأول
واستيعابه،
ويكون ناجحاً إذا ربط الموضوع
(بفقراته كلها) موضحاً بدء كل
فقرة وانتهاءها، وعلاقتها بما بعدها.
وإذا تابعنا أحاديث رسول الله -
صلى الله عليه وسلم
-، وجدنا قسماً كبيراً منها يتبع هذا الأسلوب
النافع
الدال على قدرة فائقة في إيصال المراد إلى السامع،
والتأكد من أنه تلقى
العظة والعبرة واستوعبها.
وهذا ما نجده واضحاً في حديث ابن عباس
- رضي
الله عنهما - قال: لما بعث النبي
- صلى الله عليه وسلم
- معاذاً إلى أهل
اليمن، قال له: إنك لتقدُم على قوم من أهل الكتاب:
1- فليكن أول ما
تدعوهم إلى أن يوحدوا الله تعالى.
2- فإذا عرفوا فأخبرهم أن الله فرض
عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم.
3- فإذا صلوا، فأخبرهم أن الله تعالى
فرض عليهم
زكاة في أموالهم، تؤخذ من غنيهم فترد إلى فقيرهم.
4- فإذا
أقروا بذلك فخذ منهم، وتَوَقَّ كرام أموال الناس(1).
نلاحظ: 1- أن النبي
-
صلى الله عليه وسلم -
عَرَّف معاذاً - رسوله - بأهل اليمن،
فهم ليسوا
وثنيين ولا عباد أصنام،
فلا يفرض الإسلام عليهم فرضاً، فاستعمل الحكمة
معهم.
2- وهم يعرفون الله تعالى، لكن معرفتهم إياه
- سبحانه - مختلطة،
فهم يجعلونه ثالث ثلاثة
ويجعلون عيسى عليه السلام ابنه، فادعهم إلى توحيده -
سبحانه - وبيّنْ لهم خطأ اعتقادهم.
3- فإذا عرفوا الله حق المعرفة وجب
أن يعبوده،
وأول العبادات مرتبة: الصلاة،
فبينْ لهم أن الصلاة عماد الدين،
وأنها تقرب العبد من مولاه، وأن ما بين الرجل والكفر تركُ الصلاة.
4-
فإذا صلوا فقد دخلوا الإسلام، وجاءت العبادات الأخرى وراءها،
والزكاة مقدمة
على غيرها..
وأعلمْهم أن الزكاة ليست إتاوة تدفع للحاكم -
فلربما
استصعبوها!! فأنبئهم أنها للتكافل الاجتماعي،
((حق يؤخذ من الغني فيهم فيرد
إلى فقيرهم)) فهذا أدعى إلى الرضا بها.
5- فإن أقروا بها فخذ منهم زكاة
أموالهم،
وتجنب ما يحبون ويضنون به (وهذا يدل على عمق فهم أغوار النفس
الإنسانية).
وأنت تلاحظ من حديثه - صلى الله عليه وسلم - ما يلي:
1-
التدرج من الأهم إلى الأقل أهمية
(ولا تنس أنها - كلها - مهمة): المقدمة:
(تعريفهم بالدين) ثم التوحيد، ثم الصلاة، ثم الزكاة..
2- الكلمات
الرابطة بين الفقرات: ((إنك لتقدم، فليكن أول، فإذا عرفوا، فإذا صلوا، فإذا
أقرّوا ..))
فالتعبير الثاني (ليكن أول) نتيجة للأول (إنك لتقدم).
والتعبير
الثالث (فإذا عرفوا) نتيجة للتعبير الثاني.
والتعبير الرابع (فإذا
صلوا) نتيجة للثالث.
والتعبير الخامس (فإذا أقروا) نتيجة للرابع.
خطوة
بعد خطوة،
وطلب إثر طلب، وانتقال وثيق يدل على تلازم الفقرات كلها.
. وهكذا
يستوعب السامع العظة والعبرة، ويتفهمها ويهضمها.
ونجد هذه الخطوات
واضحة فيما رواه أبو ذر الغفاري
- رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه
وسلم - أنه قيل له: أي الأعمال خير؟
قال - صلى الله عليه وسلم -: إيمان
بالله وجهاد في سبيله.
قيل: فأي الرقاب أفضل؟
قال - صلى الله عليه
وسلم -: أغلاها ثمناً، وأنفسها عند أهلها.
قيل: أفرأيت إن لم أستطع بعض
العمل؟
قال - صلى الله عليه وسلم -: فتُعين صانعاً، أو تصنع لأخرق.
قيل:
أفرأيت إن ضعفت؟
قال - صلى الله عليه وسلم
-: تدع الناس من الشر، فإنها
صدقة، تَصدَّقُ بها على نفسك (2).
أنت تلاحظ في حديثه - صلى الله عليه
وسلم - ما يلي:
1- التدرج من الإيمان إلى الإحسان إلى الناس،
إلى
مساعدتهم إلى كف الأذى عنهم. أي من المُهِمِّ إلى الأقل أهمية.
2- أما
أداة الربط فهي
: السؤال والجواب والمحاورة بين رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - وسائله.
وفي حديث آخر نرى هذه الطريقة واضحة
: عن جابر بن عبد
الله - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
: ((كل
معروف صدقة،
وإن من المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق، وأن تفرغ دلوك في إناء
أخيك))(3).
فتأمل معي وصف المعروف.
. فهو صدقة تتصدق بها على أخيك
المسلم،
فإذا عرف المسلم أن المعروفَ يُثابُ عليه جاءته طريقة من طرق
المعروف التي لا تكلف كثيراً.. الابتسام وطلاقة الوجه، وحرارة لقاء المسلم
أخاه
المسلم، والتحبب إليه، وإشاعة الراحة والهناء في جو الأخوة.
ثم
ينتقل المسلم من الصدقة التي لا تكلف الكثير إلى
الصدقة التي فيها عطاء
وإيثار، لأن الذي تؤثره على نفسك أخوك المسلم،
ثم إلى الصدقة التي فيها بذل
وسخاء،
وهنا تهون الدنيا أمام إخوان العقيدة، ويرخص الغالي في سبيلهم..
وما أعظمها من أخوّة.
ومن التعليم بطريق الخطوات، ما رواه ابن عمر
- رضي
الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم
قال: ((أقيموا الصفوف،
وحاذوا بين المناكب،
وسدوا الخلل، ولينوا بأيدي إخوانكم، ولا تذروا فرجات
للشيطان،
ومن وصل صفاً وصله الله، ومن قطع صفاً قطعه الله))(4).
ألا ترى
معي أن التعليم المتدرج في هذا
الحديث جاء صورة حية تبدأ من قيام
المسلمين
إلى الصلاة، ورص الصفوف، والتكاتف بينهم بود وإخاء
، يفسح بعضهم لبعض، ثم
يكونون
لحمة واحدة ليس للشيطان منفذ بينهم، وتغشاهم رحمة الله تعالى.
هذا
رسول لله - صلى الله عليه وسلم
- يعلم البشرية حتى هذه اللحظة وإلى قيام
الساعة، الطريقة الحديثة
القديمة في الوصول إلى قلوب العباد، وهدايتهم إلى
طريق الرشاد.
خالد