بسم الله الرحمن الرحيم
وبه أستعين
وأصلي وأسلم علي ،خاتم النبيين محمد وعلي آله وصحبه ،أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين .
أما بعد
الي كل ، مسلم غيور علي هذا الدين ، إلي كل حر يحب القرابة ويترضي عن الصحابة أهدي اليه هذا الموضوع .
تمهيد
القرامطة الروافض
من هم ؟
إنهم فرقة من الشيعة الباطنية المتطرفة، .......
كانوا يظهرون الرفض، ويبطنون الكفر المحض، وصرح أبو الفرج ابن الجوزى بأنهم فرقة من الزنادقة الملاحدة من الفرس الذين يعتقدون نبوة زرادِشت ومَزْدَك. ويقال لهم: الإسماعيلية،
حصن الاخيضر يقال انه احد معاقلهم
لانتسابهم- كذباً- إلى إسماعيل بن جعفر الصادق (ت 143هـ/ 760 م). أما تسميتهم بالقرامطة، فهى نسبة إلى حمدان قِرْمِط بن الأشعث البقار، وهو رجل نشيط من دعاة الباطنية- كان فى مشْيِه قرمطة، أى تقارب خُطًى- وكان يعمل فرِّانا فى سواد الكوفة، وكان يدعو إلى إمام من أهل البيت! .
بيان سوء عقيدتهم
إعتمدت عقيدة القرامطة كغيرها من فرق الباطنيّة على إخفاء ما يؤمنون به وإظهار أنفسهم على أنّهم مسلمون ليسهل عليهم الاندماج في المجتمع والدعوة إلى دينهم، حتّى إذا وثقوا من تابعهم أطلعوه على خفايا عقيدتهم.
وهم يتأوّلون الأحكام الشرعية على ما يوافق ضلالاتهم وأهوائهم، فيتأوّلون قوله سبحانه وتعالى:
{وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر: 99]
على أنّه من عرف التأويل فقد أتاه اليقين، وعليه فمن عرف معنى العبادة فقد سقط عنه فرضها، وأوّلوا كذلك أركان الشريعة:
فالصلاة عندهم موالاة إمامهم، والحجّ زيارته وإدمان خدمته، والصوم هو الإمساك عن إفشاء سرّ الإمام لا الإمساك
عن الطعام والشراب، والمراد بالزنى عندهم إفشاء سرّهم بغير عهد وميثاق.
وقد اختلف المؤرّخون والمصنّفون في أصل مذهبهم، فمنهم من قال بأنّهم صابئة، ومنهم من ذكر بأنّهم من المجوس الإباحيّة أتباع فزدك المؤبد كما ذكر
بن حزم الظاهري، حين وصفهم فقال:
ومن هذه الأصول الملعونة حدثت الإسماعيلية والقرامطة، وهما طائفتان مجاهرتان بترك الإسلام جملة، قائلتان بالمجوسيّة المحضة، ثمّ مذهب مزدك المؤبد... وكان يقول بوجوب تواسي (تساوي) الناس في النساء والأموال.
وقد نسبهم الإمام عبدالقاهر الإسفرائيني إلى الدهرية الزنادقة، فيقول
" الذي يصحّ عندي من دين الباطنيّة أنّهم دهرية زنادقة يقولون بقدم العالم وينكرون الرسل والشرائع كلّها، لميلها إلى استباحة كلّ ما يميل إليه الطبع ". ويستدلّ
على قوله برسالة عبدالله بن الحسين القيرواني إلى سليمان بن الحسين بن سعيد الجَنَّابي في كتابهم ( السياسة والبلاغ الأكيد والناموس الأعظم ) يوصيه فيها:
أدع الناس بأن تتقرّب إليهم بما يميلون إليه، وأوهم كلّ واحد منهم بأنّك منهم، فمن آنست منه رشداً فاكشف له الغطاء وإذا ظفرت بالفلسفي فاحتفظ به فعلى الفلاسفة مُعَوَّلُنا، وأنا وإيّاهم مجموعون على ردّ نواميس الأنبياء، وعلى القول بقدم العالم لولا ما يخالفنا فيه بعضهم من أنّ للعالم مدبّراً لا نعرفه...
وأنا اميل الي أنّهم قد جمعوا بين الدهرية الزنادقة والمجوسية الإباحية فقد قال القيرواني في آخر رسالة له إلى سليمان بن الحسن: " وما العجب من رجل
يدّعي العقل ثمّ يكون له أخت أو بنت حسناء وليست له زوجة في حسنها يحرّمها على نفسه وينكحها من أجنبيّ، ولو عقل الجاهل لعلم أنّه أحقّ بأخته
وبنته من الأجنبي، وما وجه ذلك إلاّ أنّه صاحبهم حرّم عليهم الطيّبات وخوّفهم بغائب لا يعقل، وهو الإله الذي يزعمونه، وأخبرهم بكون ما لا يرونه أبداً من البعث من القبور والحساب والجنة والنار حتّى أتعبَهم بذلك عاجلاً، وجعلهم له في حياته ولذرّيته من بعد وفاته خَولاً (عبيداً أو خدماً) واستباح بذلك أموالهم بقوله
{لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23].
فكان أمره معهم نقداً وأمرهم معه نسيئة، وقد استعجل
منهم بذل أرواحهم وأموالهم على انتظار موعد لا يكون، وهل الجنّة إلاّ هذه الدنيا ونعيمها، وهل النار وعذابها إلاّ ما فيه أصحاب الشرائع من التعب والنصب في الصلاة والصيام والجهاد والحجّ..
وأنت وإخوانك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس، وفي هذه الدنيا ورثتم نعيمها ولذّاتها المحرّمة على الجاهلين المتمسّكين بشرائع أصحاب النواميس، فهنيئاً لكم على ما نلتم من الراحة عن أمرهم ".
ومما ذُكر آنفاً يتبيّن أخذهم بعقيدة المجوسيّ من ناحية زواج الأخت والبنت، واتّباعهم لمذاهب الدهرية الزنادقة من نفي النبوّة والرسالة والشرائع.
إبتداء أمرهم السياسي وقوة حركتهم
كان للضعف الذي ألمَّ بالخلفاء العباسيين بعد موت الواثق سنة 232هـ، وسيطرة الأعاجم عليهم وضياع نفوذ الخلافة، الأثرُ الكبير في كثرة الانفصالات عن الدولة العباسية، واستقلال بعض الأسر المشهورة؛
احد معاقلهم
كالصفاريين والسامانيين والعلويين واليعفريين والطولونيين. ولم يبقَ للعباسين في كثير من الأقاليم سوى الدعاء لهم يوم الجمعة والعيدين ونزر يسير من الهدايا.
كما أثار الزنج وهم طائفة من عبيد إفريقية القلق والرعب في حاضرة الخلافة العباسية، وكان مسرح ثورتهم الجامحة العنيفة التي دامت أكثر من أربع عشرة
سنة المستنقعاتُ الممتدة بين البصرة وواسط. وقد كلفت هذه الثورة الدولة العباسية كثيراً من الجهود والأموال والأرواح. وظهر القرامطة في سواد العراق
والبحرين؛ حيث أعانهم على ذلك تشاغل الخليفة العباسي بفتنة الزنج، وظهر ابن حوشب في اليمن حيث نشر دعوة المهدي، وظهر أبو عبد الله الشيعي الذي نشر الدعوة الفاطمية في المغرب.
كل هذه العوامل ، مجتمعة أدت إلي ظهور نجم حركة القرامطة وأول ظهور
فعلى للقرامطة على مسرح الأحداث كان فى سنة 286 هـ/899 م،
على يد أبى سعيد الحسن بن بهرام الجنابى .
الذى خرج إلى البحرين، فأقام بها تاجرا يبيع الطعام، وانضم إلى دعاة الشيعة بالقطيف وظهر بينهم، حتى تغلب على أمرهم، فاستجابوا له، والتفوا عليه، فصار أميرهم، وانتشر ذكره فى البحرين، وكثر أتباعه، وقويت شوكته جدا، ومن ثم أخذ يعيث فى الأرض فساداً، فقاد أتباعه للإغارة على بلاد هَجر سنة 287 هـ/900 م، فتغلبوا عليها جميعا، وقتلوا مالا يحصى من أهلها، وسَبَوْا، وأفسدوا، فجهز الخليفة إليهم جيشا كثيفا، فتمكن القرامطة من أسرهم جميعا، ثم قتلهم أبو سعيد، وأبقى على حياة قائدهم العباس ابن عمرو الغَنوى ثم أطلقه، وقال له:
ارجع إلى صاحبك (الخليفة العباسى) فأخبره بما رأيت !؟
(وكان لهذه الوقعة صدى خطير لدى جمهور الناس ؛ فهمَّ أهل البصرة بالجلاء عنها هلعا وفزعا من خطر القرامطة القريبين منهم، فهدّأ والى البصرة من روعهم، وقام بتحصين سور المدينة، وتقويته، فعدل الجنابى عن مهاجمتها .
إستولى القرامطة على البحرين والأحساء، واتخذوا من هجر قاعدة لهجماتهم على بلاد الخلافة العباسية وقوافل الحجاج، وارتكبوا خلالها فظائع وشناعات روعت المسلمين ترويعا شديدا، ومنعت الكثيرين من أداء مناسك الحج فى بعض الأعوام خوفا من التعرض لهجمات القرامطة المفاجئة.
وعلى الرغم من القوة البادية للقرامطة، التى مكنتهم من هزيمة قوات الخلافة فى كثير من المواجهات التى وقعت بين الطرفين، وأتاحت لهم الاستيلاء على بعض البلاد العراقية والحجازية والشامية والمصرية، على الرغم من ذلك فإنه لم يكن للقرامطة دولة بالمعنى الدقيق، إنما كانوا قوة عسكرية غاشمة، تعتمد فى استمرار وجودها على تلك الغارات ،المباغتة التى تشنها على البلاد المجاورة، أو مهاجمة القوافل، وبخاصة قوافل الحجاج وتحصل من هذه وتلك على الغنائم والأسلاب، فترجع بها إلى قواعدها فى البحرين والأحساء ومن ثم تساعدها على البقاء إلى حين.
وفى عامى 289، 290 هـ/902، 903م، ظهر القرامطة فى بلاد الشام تحت قيادة زكرَوَيه بن مِهْرَوَيْه واجتاحوا من تصدى لهم من قوات العباسيين والطولونيين،
وعاثوا فيها فساداً، وقتلوا من أهلها مالا يُحصى كثرة، ونهبوا الأموال، وأحرقوا الديار والأثاث،
ثم دارت الدائرة عليهم بعد ذلك حين انطلقت الجيوش العباسية من العراق لقتالهم بقيادة محمد بن سليمان الكاتب والحسين بن حمدان، فانهزم القرامطة، وقُتل منهم خلق كثير، وأُسِرَ عدد كبير، وفر هارباً من بقى منهم وهم قليل إلى قواعدهم فى شرق الجزيرة العربية.
وبه أستعين
وأصلي وأسلم علي ،خاتم النبيين محمد وعلي آله وصحبه ،أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين .
أما بعد
الي كل ، مسلم غيور علي هذا الدين ، إلي كل حر يحب القرابة ويترضي عن الصحابة أهدي اليه هذا الموضوع .
تمهيد
القرامطة الروافض
من هم ؟
إنهم فرقة من الشيعة الباطنية المتطرفة، .......
كانوا يظهرون الرفض، ويبطنون الكفر المحض، وصرح أبو الفرج ابن الجوزى بأنهم فرقة من الزنادقة الملاحدة من الفرس الذين يعتقدون نبوة زرادِشت ومَزْدَك. ويقال لهم: الإسماعيلية،
حصن الاخيضر يقال انه احد معاقلهم
لانتسابهم- كذباً- إلى إسماعيل بن جعفر الصادق (ت 143هـ/ 760 م). أما تسميتهم بالقرامطة، فهى نسبة إلى حمدان قِرْمِط بن الأشعث البقار، وهو رجل نشيط من دعاة الباطنية- كان فى مشْيِه قرمطة، أى تقارب خُطًى- وكان يعمل فرِّانا فى سواد الكوفة، وكان يدعو إلى إمام من أهل البيت! .
بيان سوء عقيدتهم
إعتمدت عقيدة القرامطة كغيرها من فرق الباطنيّة على إخفاء ما يؤمنون به وإظهار أنفسهم على أنّهم مسلمون ليسهل عليهم الاندماج في المجتمع والدعوة إلى دينهم، حتّى إذا وثقوا من تابعهم أطلعوه على خفايا عقيدتهم.
وهم يتأوّلون الأحكام الشرعية على ما يوافق ضلالاتهم وأهوائهم، فيتأوّلون قوله سبحانه وتعالى:
{وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر: 99]
على أنّه من عرف التأويل فقد أتاه اليقين، وعليه فمن عرف معنى العبادة فقد سقط عنه فرضها، وأوّلوا كذلك أركان الشريعة:
فالصلاة عندهم موالاة إمامهم، والحجّ زيارته وإدمان خدمته، والصوم هو الإمساك عن إفشاء سرّ الإمام لا الإمساك
عن الطعام والشراب، والمراد بالزنى عندهم إفشاء سرّهم بغير عهد وميثاق.
وقد اختلف المؤرّخون والمصنّفون في أصل مذهبهم، فمنهم من قال بأنّهم صابئة، ومنهم من ذكر بأنّهم من المجوس الإباحيّة أتباع فزدك المؤبد كما ذكر
بن حزم الظاهري، حين وصفهم فقال:
ومن هذه الأصول الملعونة حدثت الإسماعيلية والقرامطة، وهما طائفتان مجاهرتان بترك الإسلام جملة، قائلتان بالمجوسيّة المحضة، ثمّ مذهب مزدك المؤبد... وكان يقول بوجوب تواسي (تساوي) الناس في النساء والأموال.
وقد نسبهم الإمام عبدالقاهر الإسفرائيني إلى الدهرية الزنادقة، فيقول
" الذي يصحّ عندي من دين الباطنيّة أنّهم دهرية زنادقة يقولون بقدم العالم وينكرون الرسل والشرائع كلّها، لميلها إلى استباحة كلّ ما يميل إليه الطبع ". ويستدلّ
على قوله برسالة عبدالله بن الحسين القيرواني إلى سليمان بن الحسين بن سعيد الجَنَّابي في كتابهم ( السياسة والبلاغ الأكيد والناموس الأعظم ) يوصيه فيها:
أدع الناس بأن تتقرّب إليهم بما يميلون إليه، وأوهم كلّ واحد منهم بأنّك منهم، فمن آنست منه رشداً فاكشف له الغطاء وإذا ظفرت بالفلسفي فاحتفظ به فعلى الفلاسفة مُعَوَّلُنا، وأنا وإيّاهم مجموعون على ردّ نواميس الأنبياء، وعلى القول بقدم العالم لولا ما يخالفنا فيه بعضهم من أنّ للعالم مدبّراً لا نعرفه...
وأنا اميل الي أنّهم قد جمعوا بين الدهرية الزنادقة والمجوسية الإباحية فقد قال القيرواني في آخر رسالة له إلى سليمان بن الحسن: " وما العجب من رجل
يدّعي العقل ثمّ يكون له أخت أو بنت حسناء وليست له زوجة في حسنها يحرّمها على نفسه وينكحها من أجنبيّ، ولو عقل الجاهل لعلم أنّه أحقّ بأخته
وبنته من الأجنبي، وما وجه ذلك إلاّ أنّه صاحبهم حرّم عليهم الطيّبات وخوّفهم بغائب لا يعقل، وهو الإله الذي يزعمونه، وأخبرهم بكون ما لا يرونه أبداً من البعث من القبور والحساب والجنة والنار حتّى أتعبَهم بذلك عاجلاً، وجعلهم له في حياته ولذرّيته من بعد وفاته خَولاً (عبيداً أو خدماً) واستباح بذلك أموالهم بقوله
{لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23].
فكان أمره معهم نقداً وأمرهم معه نسيئة، وقد استعجل
منهم بذل أرواحهم وأموالهم على انتظار موعد لا يكون، وهل الجنّة إلاّ هذه الدنيا ونعيمها، وهل النار وعذابها إلاّ ما فيه أصحاب الشرائع من التعب والنصب في الصلاة والصيام والجهاد والحجّ..
وأنت وإخوانك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس، وفي هذه الدنيا ورثتم نعيمها ولذّاتها المحرّمة على الجاهلين المتمسّكين بشرائع أصحاب النواميس، فهنيئاً لكم على ما نلتم من الراحة عن أمرهم ".
ومما ذُكر آنفاً يتبيّن أخذهم بعقيدة المجوسيّ من ناحية زواج الأخت والبنت، واتّباعهم لمذاهب الدهرية الزنادقة من نفي النبوّة والرسالة والشرائع.
إبتداء أمرهم السياسي وقوة حركتهم
كان للضعف الذي ألمَّ بالخلفاء العباسيين بعد موت الواثق سنة 232هـ، وسيطرة الأعاجم عليهم وضياع نفوذ الخلافة، الأثرُ الكبير في كثرة الانفصالات عن الدولة العباسية، واستقلال بعض الأسر المشهورة؛
احد معاقلهم
كالصفاريين والسامانيين والعلويين واليعفريين والطولونيين. ولم يبقَ للعباسين في كثير من الأقاليم سوى الدعاء لهم يوم الجمعة والعيدين ونزر يسير من الهدايا.
كما أثار الزنج وهم طائفة من عبيد إفريقية القلق والرعب في حاضرة الخلافة العباسية، وكان مسرح ثورتهم الجامحة العنيفة التي دامت أكثر من أربع عشرة
سنة المستنقعاتُ الممتدة بين البصرة وواسط. وقد كلفت هذه الثورة الدولة العباسية كثيراً من الجهود والأموال والأرواح. وظهر القرامطة في سواد العراق
والبحرين؛ حيث أعانهم على ذلك تشاغل الخليفة العباسي بفتنة الزنج، وظهر ابن حوشب في اليمن حيث نشر دعوة المهدي، وظهر أبو عبد الله الشيعي الذي نشر الدعوة الفاطمية في المغرب.
كل هذه العوامل ، مجتمعة أدت إلي ظهور نجم حركة القرامطة وأول ظهور
فعلى للقرامطة على مسرح الأحداث كان فى سنة 286 هـ/899 م،
على يد أبى سعيد الحسن بن بهرام الجنابى .
الذى خرج إلى البحرين، فأقام بها تاجرا يبيع الطعام، وانضم إلى دعاة الشيعة بالقطيف وظهر بينهم، حتى تغلب على أمرهم، فاستجابوا له، والتفوا عليه، فصار أميرهم، وانتشر ذكره فى البحرين، وكثر أتباعه، وقويت شوكته جدا، ومن ثم أخذ يعيث فى الأرض فساداً، فقاد أتباعه للإغارة على بلاد هَجر سنة 287 هـ/900 م، فتغلبوا عليها جميعا، وقتلوا مالا يحصى من أهلها، وسَبَوْا، وأفسدوا، فجهز الخليفة إليهم جيشا كثيفا، فتمكن القرامطة من أسرهم جميعا، ثم قتلهم أبو سعيد، وأبقى على حياة قائدهم العباس ابن عمرو الغَنوى ثم أطلقه، وقال له:
ارجع إلى صاحبك (الخليفة العباسى) فأخبره بما رأيت !؟
(وكان لهذه الوقعة صدى خطير لدى جمهور الناس ؛ فهمَّ أهل البصرة بالجلاء عنها هلعا وفزعا من خطر القرامطة القريبين منهم، فهدّأ والى البصرة من روعهم، وقام بتحصين سور المدينة، وتقويته، فعدل الجنابى عن مهاجمتها .
إستولى القرامطة على البحرين والأحساء، واتخذوا من هجر قاعدة لهجماتهم على بلاد الخلافة العباسية وقوافل الحجاج، وارتكبوا خلالها فظائع وشناعات روعت المسلمين ترويعا شديدا، ومنعت الكثيرين من أداء مناسك الحج فى بعض الأعوام خوفا من التعرض لهجمات القرامطة المفاجئة.
وعلى الرغم من القوة البادية للقرامطة، التى مكنتهم من هزيمة قوات الخلافة فى كثير من المواجهات التى وقعت بين الطرفين، وأتاحت لهم الاستيلاء على بعض البلاد العراقية والحجازية والشامية والمصرية، على الرغم من ذلك فإنه لم يكن للقرامطة دولة بالمعنى الدقيق، إنما كانوا قوة عسكرية غاشمة، تعتمد فى استمرار وجودها على تلك الغارات ،المباغتة التى تشنها على البلاد المجاورة، أو مهاجمة القوافل، وبخاصة قوافل الحجاج وتحصل من هذه وتلك على الغنائم والأسلاب، فترجع بها إلى قواعدها فى البحرين والأحساء ومن ثم تساعدها على البقاء إلى حين.
وفى عامى 289، 290 هـ/902، 903م، ظهر القرامطة فى بلاد الشام تحت قيادة زكرَوَيه بن مِهْرَوَيْه واجتاحوا من تصدى لهم من قوات العباسيين والطولونيين،
وعاثوا فيها فساداً، وقتلوا من أهلها مالا يُحصى كثرة، ونهبوا الأموال، وأحرقوا الديار والأثاث،
ثم دارت الدائرة عليهم بعد ذلك حين انطلقت الجيوش العباسية من العراق لقتالهم بقيادة محمد بن سليمان الكاتب والحسين بن حمدان، فانهزم القرامطة، وقُتل منهم خلق كثير، وأُسِرَ عدد كبير، وفر هارباً من بقى منهم وهم قليل إلى قواعدهم فى شرق الجزيرة العربية.