أكتب إليك وأذكر أنك تنتسبين إلى علي بن أبي طالب ] وأرضاه، وما أحراك أن تكوني على هداه،
أوليس هو وأخوه عثمان أبوا الديمقراطية في العالم؟ عثمان الذي ضحى بحياته ويأبى أن تراق قطرة دم واحدة من شعبه؛
ليحافظ بها على كرسيه، وعلي ]، أليس هو الذي وضع قانون منع قمع المظاهرات السلمية بالقوة؟
وذلك في رفض استعمال السلاح في وجه المتظاهرين. تعالوا معي إلى هذا السيد العظيم، الذي هو أخو رسول الله
[ واستمعوا إلى آرائه التي تجاهلها العالم، وليست آراؤه فقط ولكن مواقفه وأفعاله، «وتعرضوا لعلي في خطبه،
وأسمعوه السب والشتم والتعريض، في خطبه بآيات من القرآن. وذلك أن علياًًًًً قام في بعض الجمع فذكر أمر الخوارج،
وذمه وعابه، فقام جماعة منهم كل يقول: لا حكم إلا لله. وقام رجل منهم وهو واضع أصبعيه في أذنيه يقول:
( ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين )65(الزمر)،
فجعل علياً يقلب يديه هكذا وهكذا، وهو على المنبر ويقول: حكم الله ننتظر فيكم، ثم قال:
إن لكم علينا ألا نمنعكم حتى تقاتلونا» (البداية والنهاية لابن كثير 2-3-296).
فهل في الدنيا كلها ديمقراطية أعظم من هذه الديمقراطية؛ يكفرونه ويجعلونه مشركاً،
وهو أول قلب استجاب في الدنيا للإيمان بعد خديجة رضي الله عنها، ومع ذلك يعلن مبدأ عدم قمع المظاهرات السلمية بالقوة،
لأن هذا اعتداء على الإنسانية، «إن لكم علينا أن لا نمنعكم حتى تقاتلونا».
نحن أتباع علي وعثمان وعيسى بن مريم وغيرهم من المصلحين، إنما نثور لكرامة الإنسان ضد الطغيان.
فـ«بشار» مجرم العصر يعلن في المساء «إلغاء قانون الطوارئ»، وحرية المظاهرات،
ويقتل في اليوم الثاني 150 شهيداً من المتظاهرين الصارخين «سلمية سلمية سلمية»،
لقد آن الأوان يا إخواننا أن تقفوا في وجه الطاغية «الأسد» لا كلاماً فقط، بل عملاً كذلك.
إن شعبكم قدم ثمناً لذلك قرابة ألفي شهيد وخمسة عشر ألف معتقل وعشرين ألف مشرد عن وطنه،
وأنتم وحدكم بعد الله تعالى القادرون على الأخذ على يده، وإزاحته من سلطانه، ونحن أبناء شعب واحد يفهم بعضنا على بعض ما نقول.
لقد انتهى أمر «بشار» عندنا منذ سقوط أول قطرة من دم الشهداء الذين يلعنونه إلى يوم القيامة، فالقاتل والمجرم والذابح لشعبه،
ليس جزاؤه التكريم والحوار، إنما جزاؤه أطره على الحق أطراً، وقصره على الحق قصراً،
وكف يده عن ذبح شعبه، بعد أن ناديناه أحد عشر عاماً، ولكن لا حياة لمن تنادي.
لقد خرج المتظاهرون إخوانكم فملؤوا كل فج في سورية يريدون إسقاط النظام الأسدي ويمدون يدهم إليكم لتكونوا عوناً لهم
على إسقاط أكبر نظام قمعي في العالم، يد شعبكم ممدودة إليكم، فضعوا أيديكم بيد هذا الشعب،
وقوموا قومة رجل واحد لإسقاط هذا النظام، وهذا الحزب الذي فُرض عليكم وعلينا نصف قرن،
وأنتم ونحن نلقى من طغيانه واحتقاره لشعبه، ونلقى من الظلم والاضطهاد والإهانة ما لم يلقه شعب من شعوب العالم،
ولم يوفركم فقتل زعماءكم وقادتكم ورفاق دربه مثل جديد وعمران وكنعان وغيرهم. شعبكم ينادي لا طائفية، لا طائفية،
شعب واحد، صف واحد، سورية للجميع. وأنتم يا إخواننا أبناء الطائفة متى تنصرونا إن لم تنصرونا اليوم؟ ألا يكفينا دماء؟
ألا يكفينا شهداء؟ ألا يكفينا قتل وسحل وتعذيب واعتقال؟ شعبكم يثق بكم فثقوا به، ألسنا جميعاً أبناء سورية تحتضننا كالأم الرؤوم،
وتريد منا أن نعيش إخوة متحابين متوادين متضامنين، يحكم بيننا صناديق الاقتراع لا صناديق الرصاص. إن كل يوم يمر، بل كل ساعة تمر،
والنظام قائم، فكل فرد يسانده آثم آثم آثم، غاشم غاشم غاشم، سواء كان شيخاً على رأس العلماء يتزلف إليه،
أو كان شريكاً له في المصالح يحن عليه، فالظالم وأزلامه شيء واحد في ميزان الإسلام.
إن الكلام المعسول لا يغسل دم المقتول، وإن اختصار كل ساعة ينزف فيها دم هو رحمة لقلب الأم ؛
أمنا سورية، خرج إخوانكم الأكراد وإخوانكم الشركس، وشعب سورية كله؛ البعثيون
الأحرار والشيوعيون والناصريون والإخوان المسلمون والليبراليون والمستقلون.
إن في الصف ثغرة لا يملؤها إلا أنتم وقادتكم وعلماؤكم وضباطكم ليأخذوا موقعهم بجوار أبناء شعبهم وقد تقدمكم عارف دليلة،
دليلكم على الطريق لتأخذوا موقفكم وتقولوا لـ«بشار» وزبانيته:
( وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا )81
(الإسراء)